backgrounds | Free Pics

السبت، 16 أبريل 2011

سوياً في سلام


   كان ارتفاعه أعلي الحائط المقابل لنافذة الغرفة هو بمثابة طوق النجاة له حيث كانت النافذة هي الحل الأمثل للخروج من هذه الغرفة في حالة حدوث أية هجمات سواء كانت مبيدات كيميائية أو أحذية أو ما شابه.

   ظهر بوضوح علي الحائط لكن أحداً لم يره بعد ، مر سرب من النمل؛ تقف خلفه نملة صغيرة.. رمقها بنظرة؛ نظرت إليه بكل براءة؛ حرك شاربيه يميناً و يساراً؛ وقفت قليلاً؛ تقدم نحوها؛ بدا عليها الاضطراب والخوف؛ حاول تهدئتها والتخفيف من روعها.


   تفهمت أنه لا يريد شراً؛ نظرت إليه متسائلة: ماذا تريد؟!
 - لقد رأيتك الآن؛ لا أعرف ماذا أقول..؟ لكنني شعرت بالراحة عندما رأيتك.

   قد يكون الشعور متبادلا لكن كلانا يختلف عن الأخر؛ قد أكون وجبة شهية لك وأنت قد تكون عشاءاً رائعاً لعائلتي.. هكذا تحدثت مرة أخرى؛ رد مسرعاً: و قد نعيش سوياً في سلام، ردت قائلة: و قد لا يستمر ذلك طويلاً، نظر إليها برهة ثم تحدث: و قد يستمر .

   بعد عدة أيام.. لقد أحضرت مجموعة من حبات السكر تكفي عائلتك لمدة طويلة؛ ردت بهدوء قائلة: شكرا لك .

   وصل إلي الجحر الذي اتخذته عائلتها موطناً لها ومعه قطعة حلوى؛ تحدث قائلاً: لقد جئت في سلام.. لنتعاون سوياً ولنعش في سلام؛ وكان الاتفاق على أن المصلحة مشتركة؛ ولكن إذا خالف أحدهم ذلك فالاتفاق ملغي.

   أصبحا أكثر قربا وساعد كلاً منهما الآخر.. شعر بالسعادة معها.. كانت تمتطي ظهره  ويطير بجناحيه فتشعر بالسعادة الغامرة وهي تطير في الهواء، في أحد المرات أصابه مبيد حشري فشعر بدوار؛ أخذته النملة إلي الجحر وشارك في علاجه العائلة بأكملها حتي شفي تماماً.

ظلا هكذا حتي جاء موعد الإتفاق مع عائلتها علي العيش سوياً.. قررا أن يكون ذلك في اليوم التالي في حفل تحضره العائلتين.

   بدأت الاحتفالات منذ صباح اليوم التالي؛ و استمرت حتي المساء؛ احتفلا سوياً؛ رقصا،  في نهاية اليوم غادر الحبيبان إلي بيتهما الكائن بجوار الجحر الخاص بعائلة النملة؛ وقعت بعض الحوادث في الطريق؛ منها أن قام بعض أصحاب الشقة برش المبيد الحشري؛ و قام الآخر بضرب اثنين من أهل العريس بالأحذية؛ كل ذلك لم يعكر صفو هذه الليلة واجتمع الحبيبان في جحر واحد .

   بعد عدة أشهر قام أصحاب الشقة بغلق الجحرين بواسطة الأسمنت.. قالت له: لقد عشنا معاً وسنموت معاً، و بعد عدة أيام  بعد نفاذ الطعام بدأ أصحاب الجحرين في الشعور بالألم.. شعرا بأن الموت قادم؛ تماسكا؛ احتضنها؛ قالا: سنواجه الموت.

   في نهاية اليوم جاء أحد أفراد الشقة و قام بعمل بعض الإصلاحات.. قام بفتح الجحر لتعود الحياة مرة أخري لأصحاب الجحر الحديث، لكن أصحاب الجحر الأخر كانوا قد ماتوا .

   و هكذا عاشا سوياً لمدة سنة.. و في نهاية هذه السنة وأثناء وقوفهما علي سطح أحد الحوائط.. سرحا في حديث تملأه ذكريات الماضي.. فجأة صرخ أحد الأفراد قائلاً: "صرصار".. ضربه بالحذاء مرة واحدة فمات؛ صرخت و تحركت بجواره.. ضربه مرة أخري؛  فماتا سوياً في سلام بعد أن عاشا سوياً في سلام.


                                           الخميس    13/5/2010
                                                      12:21 pm


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق