backgrounds | Free Pics

الثلاثاء، 12 أبريل 2011

مصلحتي أولاً

  
 فجأة و بدون أية مقدمات تنتابه آلاماً شديدة في المعدة، شعر بدوار مفاجيء، تعجب فهو لا يزال في مقتبل العمر؛ إضافة إلي أنه لم يتعرض لذلك مسبقاً!

  أحضرت له زوجته كوباً من الليمون البارد، قرر بعدها الذهاب إلي غرفته، وهنالك اختفي تحت الغطاء الممتد علي سطح مضجعه وترك لرأسه الحرية في تحديد موضعها علي وسادته الممتدة باتجاه عرضي أعلي مضجعه.

  أغلق باب غرفته، كانت زوجته تشاهد المسلسل اليومي المعتاد الذي طالت حلقاته وأصبحت أكثر تشوقاً له يوماً بعد يوم، يلعب طفله الصغير الذي لم يتجاوز عامه الثاني بمجموعة من الأوراق الخاصة بعمله -سقطت من حقيبته- ووجدها الطفل في غرفة مكتب والده؛ واستمر في تمزيق هذه الأوراق بطريقة منظمة، وذهب في عالم آخر غير الذي نعيشه؛ وأخذ يداعب الأوراق الممزقة.

  بدأت الأفكار تحاصره من حوله، أحد أصدقائه شعر ببعض الآلام في معدته؛ ولم ينس تقديم واجب العزاء بعد أن حضر جنازته في الأسبوع الفائت؛ وقد كان برفقته زميله الذي شعر ببعض الآلام في قدميه، فسقط طريحا للفراش، ولم تستطع قدماه أن تحملاه، وقد حمله مجموعة من أصدقائه لكي يوارى الثري منذ ثلاثة أيام، هذا بالإضافة إلي ابن شقيق والده الذي شعر بآلام في يديه أول أمس، وقد أصبح بصحة جيدة اليوم.

  تذكر أن الموت قد يأتيه بغتة، وكانت هذه اللحظة بمثابة نقطة تحول في حياته حيث كان دائماً ما يفكر في الموت كنهاية طبيعية للفرد؛ انقطاع للنفس، ثم يليه تغييراً لمحل إقامته.

  فكر في حال أهله وأصدقائه عقب انتهاء خدمته في هذه الدنيا، كيف سيكون تقديرهم لهذا الموقف؟

  تدخل زوجته لتطمئن عليه فتجده ينظر إلى سقف الحجرة بلا حراك؛ تنادي عليه بصوت مرتفع، تحرك جسده الساكن بلا فائدة، تنهمر من عينيها ثلاث قطرات من المحتمل أنها تنتمي إلى فصيلة الدموع؛ تقول في صوت بائس: لقد ضاعت حلقة اليوم من المسلسل! هل سيتزوج علاء من ميرفت؟

  يدخل الطفل فجاة، ينظر إلي والدته فيجدها تبكي، يجد والده ساكناً علي مضجعه؛ يتحدث الطفل: ماذا حدث؟

  لقد مات؛ كانت هذه هي الإجابة، يصمت الطفل قليلاً؛ ثم يقول: لقد أخذ جزاءه، فقد كان دوماً يفضل مشاهدة المباريات في الوقت الذي أطلب منه مشاهدة الكرتون المفضل لدي، لقد كان دوماً يعاملني بقسوة؛ ثم ينظر إليه بشماتة .

  يدخل عليه أعز أصدقائه؛ ينظر إليه لعدة دقائق ثم يقول: ألم يكن من الأفضل أن تأتي أمس لإصلاح جهاز الكمبيوتر؟ سأضطر إلى البحث عن صديق آخر؛ لقد كنت كسولاً .

  يدخل عليه شقيقه الأكبر، يضع أصابعه على عينيه محاولاً أن يذرف أية قطرات من الدموع ثم يقول له: لعل سيارتك تؤول إليَّّ.

  تدخل عليه شقيقته الصغرى، تنظر إليه، تبتسم، تقترب منه؛ تهمس في أذنه وتقول: لقد نجحت الخطة.

  يفيق علي صوت صغيره: لقد نجحت الخطة؛ ينظر إليه! إنه يداعب بعض الأوراق على هيئة مراكب وبعض الأشكال الأخري؛ يدقق النظر فيجد مكتوباً على أحد الأوراق: وقد قام بمراجعته الأستاذ....؛ إنه اسمه!

  تدخل زوجته: لقد تزوج علاء من ميرفت، وغداً يبدأ الجزء الثاني من المسلسل.

  ينظر إلى هاتفه فيجد ثلاثة رسائل؛ الأولى قام بإرسالها شقيقه الأكبر؛ إنه يهنئه بمناسبة شرائه سيارة جديدة، الثانية قام بإرسالها صديقه؛ إنه يذكره بموعده معه لكي يقوم بإصلاح جهاز الكمبيوتر، الثالثة قامت بإرسالها شقيقته الصغرى؛ إنها تطلب منه أن يأتي بصحبة أسرته لمشاهدة المباراة في بيتها ثم الذهاب سوياً لمشاهدة أحد الأفلام، فزوجها سيبقي طويلاً في عمله.. يأخذ نفساً عميقاً، ثم يقوم بإخراجه ببطء من فمه؛ يهمس قائلاً: 
-مصلحتي أولاً- هذا ما يفكر به الجميع.


                                         السبت: 24/4/2010
                                                  الساعة:  2:56 pm
                           


هناك 3 تعليقات:

  1. لا حول ولا قوة إلا بالله
    يارب ما اكونش زيه كده لما اموت
    إن شاء الله إن شاء الله
    الناس هتزعل عشانى وهيذكرونى بالخير
    يارب يذكرونى بالخير

    ردحذف
  2. بص فعلا دلوقتى أغلب على الناس كلمت مصلحتى اولا او مبداء فيد وانا استفيد للأسف بقى طبع بس لما قرات القصه فكرتنى ان الناس اللى بتسيب سيره حلوه بتلقيها والناس اللى كانت جدعه وصحبة صحابها برده بتلاقى الناس وقفه جمبها حتى على مر السنين وده عن تجربه شخصيه اكتشفت فعلا انك تعمل الخير وترميه البحر واو تعمل الخدمه ومتستناش من وراها حاجه صدقنى يوم ما بتكون محتاج حد بتلاقى بدل الواحد عشره سيدوا

    ردحذف