backgrounds | Free Pics

الاثنين، 18 أبريل 2011

و تلتقي روحانا


  
   ذهب إلي غرفته، أوصد الباب، تمدد علي مضجعه، أسند ظهره علي مقدمة المضجع، قام بسحب الغضاء السميك الذي كان يكسو مضجعه حتي امتد إلي أسفل رقبته بقليل.

   كان المكان مظلما؛ فجميع النوافذ مغلقة، الليل انتصف، أراد أن يجلس وحيداً في الظلام، نظر في الفراغ المحيط به، لا يرى شيئا؛ إنها مجموعة من الكرات السوداء الصغيرة المتشابكة.
                                      
   نهضت فجأة من سباتها العميق كأن أحداً أيقظها، أسندت رأسها علي مقدمة مضجعها، لا يزال يعلوها غطاء يصل إلي أسفل رقبتها بقليل، نظرت في الفراغ الكائن أمامها، لا تري شيئاً؛ إنها مجموعة من الكرات السوداء الصغيرة المتشابكة.

   تذكرها في تلك اللحظة، لم يمض علي آخر لقاء جمعهما عبر الهاتف سوي سبعة أيام، أعلنت خلال ذلك اللقاء تنحيها عن كافة المناصب التي شغلتها في حياته سابقاً وقررت التفرغ لبدء حياة جديدة أياً كانت هذه الحياة؛ أهي التي تتمناها أم لا؟ فهي قد قررت.

   رأى وجهها وسط كل هذه الكرات السوداء،  تأملها، إنها عيناها التي لطالما أحب أن يراهما، وجهها البريء يرتفع أمامه وسط الظلام الدامس، إنها تبتسم كآخر مرة رآها، لم تتغير كثيراَ، نظر إليها، تنتابه الآن مشاعراً متضاربة ما بين فرحة لرؤيتها وألم لتخليها عنه .

   هي الآن تراه علي صفحة الظلام التي اتخذتها كخلفية لغرفتها، يبدو كما هو في آخر لقاء جمعهما، يبتسم، تنظر إلى عينيه التي لطالما شعرت معهما بالأمان، ترغب في النهوض للجلوس بجواره – تعرف أنه قد يدير وجهه ويذهب– رغم أنها تركته بالأمس؛اليوم تطمع في رؤية نظرته التي تشعرها بالأمان، لقد افتقدته كثيراً.

نظر إليها، تحدث: كم اشتقت إليكِ! أقصد اشتقت لمعرفة أخبارك؛  فأنا الآن لا وجود لي بحياتك، لقد افتقدتك كثيراً، دائماً ما أسمع همس صوتك داخل أذناي؛ إنه رائع، عيناكي أجمل ما رأيت، أحبك. ماذا أقول؟! ليس هذا هو الحديث الصحيح، إنه ما بداخلي لكنني عندما أتحدث إليك اليوم فلابد للكلام أن يأخذ منحى آخر، كيف حالك؟ أتمنى لكِ كل خير.
   "لقد فهمت" هكذا تحدثت واستطردت: أعرف أنني تخليت عنك،  لقد كان لدي ما يدفعني لذلك، أعرف أن عليًَ انتظارك طويلاً؛ لكن هناك من سيأتي قريباً، سيُغيِّر حياتي، كل شيء سيتحرك بشكل أسرع، الجميع يدفعونني للموافقة، أتألم أكثر منك. ما قلته أنت هو ما أحمله  بداخلي؛ عليًَ أن أسألك: هل تشعر بما أعيشه الآن؟

   " نعم " قالها ثم صمت، تحدث مرة أخري مسرعاً كالذي تذكر بعض الإجابات التي قد ترفع درجته في امتحان لا يعرف كيف ينجح فيه وقال: لقد تألمت كثيراً لفقدكِ؛ لكنني لطالما تمنيت لكِ الخير، أعرف أن قلبكِ الرقيق لا يقوي علي ما تتعرضين له، أعرف أن اختيارك كان صعباً، لكنه قد يكون صحيحاً، أحبك لكنني لا أريد أن أسرق من عمرك لحظات قد تكونين أكثر سعادة فيها بصحبة غيري.

   بكت عيناها، لم تكن المرة الأولى التي تبكي فيها؛ لقد بكت طيلة السبعة أيام الماضية، لم تستطع أن توقف كل هذا السيل المتدفق من الدموع التي انهمرت بشدة، ردت بكلمات متقطعة: أعرف أنك شخصا فريداَ لم و لن أري مثله، أتذكرك دائما؛ لكن كلماتك اليوم قد ألمتني، لقد أحببتك اليوم أكثر من البارحة .

   "لا مكان للكراهية بيننا" هكذا أعلنها مدوية، أكمل حديثه: لتبقى المشاعر الجميلة ولتستمر الحياة، لا أستطيع أن أبقي معكِ، ستكونين مع من يحبكِ، قد لا يحبكِ أكثر منِّي لكنه سيقوم بنفس الدور، عليكِ أن تتقبلي ما ذهبتي إلي اختياره؛ لن أكون حجر عثرة أمام سعادتكِ؛ سأتحرك قليلاً، و لتعبري أنت ومن سيكون معك، سأتنحى جانباَ.

   " لا " صرخت بهذه الكلمة، أكملت: لا تقولها، لقد قلتها قبلك وندمت، هيا بنا ننسى ما كان، لنعد كما كنا، وتعال نتفق.

   "هذا ما تقولينه في كل مرة" هكذا أجاب بهدوء واستطرد: ثم تذهبي ولا نلتقي إلا بعد عام، نعود ونلتقي ثم نفترق؛ إلى أين تمضي هذه الدوامة؟ هل ستبقين معي إلى النهاية؟ هل سترفضي كل ما سواي؟

   "لا أعرف" هكذا أجابت مسرعة، أكملت: أعرف الآن أني أريدك؛  لا أعرف ماذا سيحدث غداً، تعرف؛ حياتي ليست مستقرة، فلتساعدني قليلاً؛ عليك أن تساعدني، فهل تستطيع؟

   "لم تجيبي على سؤالي!" هكذا تحدث متعجباً ثم قال: أجبتي بسؤال علي سؤال! أعرف أني أريدكِ بكل ما أوتيت من قوة لكني لست دمية تستطيعين التخلص منها في أي وقت تشائين، أعرف ما لديك من تقلبات وأشعر بكِ، لكن عليكِ أن تختاري ما تريدينه، سأحترم رغباتك، لن أحزن، أريد لكِ السعادة.

   تحدثت: سأذهب إلى النوم، لقد أطلت السهر، لقد شعرت بالحيرة، أريدك لكني لا أريد لعمري أن يضيع في انتظارك.

   ردَّ ولم يزل ينظر إلي صورتها المحاطة بالظلام: لا راحة لي في البعد عنكِ، ولا في البقاء معك قليلاً والابتعاد كثيراً؛ لا أعرف ماذا عساي أن أختار؟ سأبقي معكِ، لنبقى سوياً أو لينتهي كل شيء بلا عودة .


                                                                               
                                                                      الأحد 17/ 4 / 2011
                                                    الساعة : 11:41 Am
                                           
                                                                                                                        
                                                                     

                                                     

هناك 5 تعليقات:

  1. متشكر جدا علي المتابعة و الكلام الجميل ده ؛ و ياريت بقي متابعة مستمرة ؛ و الجاي إن شاء الله أحسن

    ردحذف
  2. mesh 2dra a2ol 7aga men gamal elkalam

    ردحذف
  3. شكرا علي ذوقك و تابعينا باستمرار تجدي ما يسرك.

    ردحذف
  4. احلى مافى اسلوب انه بيخلى القرء عاوزه يكمل القصه عاوز يعرف هيحصل ايه ودى ملكه مش موجوده عند اغلب الكتاب

    ردحذف